احتفالات رأس السنة الأمازيغية تتجاوز «العرق واللغة والدين» في الجزائر
احتفالات رأس السنة الأمازيغية تتجاوز «العرق واللغة والدين» في الجزائر
يستعد محمد السهولي، البالغ من العمر 55 عامًا، للاحتفال برأس السنة الأمازيغية هذا العام في مدينة تلمسان غرب الجزائر مع أسرته.
يعتبر السهولي أن أصوله العربية لا تمنعه من الاحتفال بهذه المناسبة التي أصبحت جزءًا من تقاليد أسرته وعشيرته، وقال في تصريحات لقناة “الحرة” الأمريكية إن هذا الحدث تداخل ثقافي وتاريخي يعكس الهوية الأمازيغية العريقة التي تسعى الأسرة لإحيائها.
ويأتي احتفال رأس السنة الأمازيغية في 12 يناير من كل عام، وهو مناسبة مرتبطة بالزراعة والاحتفاء بمحاصيل الموسم الفلاحي، حيث يرمز التقويم الأمازيغي إلى دورة الحياة والخصوبة.
تتزين الأسواق المحلية في هذا اليوم، بمختلف المنتجات التي تحتفل بها العائلات الجزائرية، مثل التين، والبركوكس (نوع من الكسكسي)، واللوز، والجوز، إضافة إلى الشوكولاتة والمكسرات والتمور والفواكه.
وبالرغم من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، يحرص محمد على التكيف مع الظروف الاقتصادية ليتيح لعائلته التمتع بهذه اللحظات من الفرح والاحتفال.
احتفال في بني سنوس
تستعد بلدة بني سنوس، الواقعة في جنوب غرب تلمسان، للاحتفال بهذه المناسبة كما جرت العادة كل عام.
وفقًا لما قاله بلقاسم لحمر، أحد أبناء المنطقة، لقناة “الحرة”، فإن هذه المناسبة تعد "احتفالًا اجتماعيًا موروثًا عن القبائل الأمازيغية" التي طالما نظمت فعالياتها بمناسبة نهاية جني المحاصيل وبداية موسم الزراعة.
وأوضح بلقاسم أن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية يمثل "تكريسًا لوجود الأمازيغ في شمال إفريقيا"، حيث يسعى الجميع للاحتفاظ بهذه العادات والتقاليد التي تمثل جزءًا من الهوية الثقافية المشتركة بين مختلف مكونات المجتمع الجزائري.
طقوس تقليدية وهوية مشتركة
في وسط بلدة بني سنوس، يُلاحظ الباحث الأنثروبولوجي محمد سريج جبل "فرعون" الذي يطل على البلدة، وهو موقع يرتبط بأسطورة قديمة تقول إن أحد ملوك الفراعنة خاض معركة ضد ملك الأمازيغ ششناق، وقد انتهت بانتصار الأمازيغ.
وأوضح سريج لقناة “الحرة”، أن قدوم العرب إلى المنطقة لم يغير من العادات الأمازيغية، بل على العكس، أضافت هذه العادات إلى الثقافة العربية الجديدة التي تشكلت من تزاوج بين العرب والأمازيغ.
وفسر سريج هذا الانصهار بتأثير العرف الأمازيغي، الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من التقاليد الثقافية السائدة.
يختتم سريج حديثه قائلا، إن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية هو "جزائري محض" يتجاوز العرق واللغة والدين، ويشكل علامة على وحدة الهوية الثقافية في الجزائر.